الباب الرابع أقوال وأفعال تُنافي التوحيد أو تُنقِصُه
وفيه فصول :
الفصل الأول : ادعاء علم الغيب في قراءة الكف والفنجان ، والتنجيم ... إلخ .
الفصل الثاني : السحر والكهانة والعرافة .
الفصل الثالث : تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها .
الفصل الرابع : تعظيم التماثيل والنصب التذكارية .
الفصل الخامس : الاستهزاء بالدين والاستهانة بحرماته .
الفصل السادس : الحكم بغير ما أنزل الله .
الفصل السابع : ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم .
الفصل الثامن : الانتماء إلى المذاهب الإلحادية والأحزاب الجاهلية .
الفصل التاسع : النظرة المادية للحياة .
الفصل العاشر : التمائم والرقى .
الفصل الحادي عشر : الحلف بغير الله والتوسل والاستعانة بالمخلوق دون الله .
الفصل الأول ادِّعاء علم الغيب في قراءة الكف والفنجان وغيرهما
المراد بالغيب : ما غاب عن الناس من الأمور المستقبلة والماضية وما لا يرونه ، وقد اختص الله تعالى بعلمه ، وقال تعالى : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ .
فلا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وحده ، وقد يُطلع رسله على ما شاء من غيبه لحكمة ومصلحة ، قال تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ .
أي : لا يطلع على شيء من الغيب إلا من اصطفاه لرسالته ، فيظهره على ما يشاء من الغيب ؛ لأنه يُستدل على نبوته بالمعجزات التي منها الإخبار عن الغيب الذي يطلعه الله عليه ، وهذا يعم الرسول الملكي والبشري ، ولا يطلع غيرهما لدليل الحصر . فمن ادّعى علم الغيب بأي وسيلة من الوسائل غير من استثناه الله من رسله فهو كاذب كافر ، سواء ادّعى ذلك بواسطة قراءة الكف أو الفنجان ، أو الكهانة أو السحر أو التنجيم ، أو غير ذلك ، وهذا الذي يحصل من بعض المشعوذين والدجالين من الإخبار عن مكان الأشياء المفقودة والأشياء الغائبة ، وعن أسباب بعض الأمراض ، فيقولون : فلان عَمِلَ لكَ كذا وكذا فمرضتَ بسببه ، وإنما هذا لاستخدام الجن والشياطين ، ويظهرون للناس أن هذا يحصل لهم عن طريق عمل هذه الأشياء من باب الخداع والتلبيس ، قال شيخُ الإسلام ابن تيمية ( والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين ، يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع ، وكانوا يَخلطون الصِّدقَ بالكذب ) إلى أن قال : ( ومن هؤلاء من يأتيه الشيطان بأطعمة وفواكه وحلوى وغير ذلك مما لا يكون في ذلك الموضع ، ومنهم من يطير به الجني إلى مكة أو بيت المقدس أو غيرهما ) انتهى .
وقد يكون إخبارهم عن ذلك عن طريق التنجيم ، وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية ، كأوقات هُبوب الرياح ومجيء المطر ، وتغير الأسعار ، وغير ذلك من الأمور التي يزعمون أنها تدرك معرفتها بسير الكواكب في مجاريها ، واجتماعها وافتراقها . ويقولون : من تزود بنجم كذا وكذا ، حصل له كذا وكذا ، ومن سافر بنجم كذا حصل له كذا ، ومن وُلد بنجم كذا وكذا حصل له كذا ؛ من السعود أو النحوس ، كما يعلن في بعض المجلات الساقطة من الخزعبلات حول البروج وما يجري فيها من الحظوظ .
وقد يذهب بعضُ الجهال وضعاف الإيمان إلى هؤلاء المنجمين ، فيسألهم عن مستقبل حياته وما يجري عليه فيه وعن زواجه وغير ذلك .
ومن ادَّعى علم الغيب أو صدَّق من يدَّعيه فهو مشركٌ كافر ؛ لأنه يدَّعي مشاركة الله فيما هو من خصائصه ، والنجوم مسخَّرة مخلوقة ، ليس لها من الأمر شيء ، ولا تدل على نحوس ، ولا سعود ، ولا موت ، ولا حياة ، وإنما هذا كله من أعمال الشياطين الذين يسترقون السمع .